Monthly Archives: July 2015
مذكرات مدرسة 3: خامس، سادس
وانتقلنا للمبنى الجديد، وترفعت للصف الخامس
المبنى كان كبير وحلو، خاصة لما يتقارن بالمبنى القديم، عالأقل صار فيه طابقين وزادت الصفوف صار في سابع وتامن، وزاد عدد صفنا -على ما أعتقد- أو إنه حبوا يبربحونا في المساحة، و”البربحة” هي كلمة أردوفلسطينية تعني التفسح في المجالس ومأخوذة من الكلمة العربية “براح”، والتي استخدمها علي الحجار في إحدى أغانيه مؤكداً أن أحلى عيشة هي عيشة البراح. شو أخباره علي الحجار بالمناسبة؟ كان صوته قوي، بس ستايله لا يتفق مع المسار اللي كان ماشي فيه الفن باتجاه الهاوية. بنت جيراننا كان مطربها المفضل علي الحجار، أعتقد هي الوحيدة في الأردن ويمكن في بلاد الشام، وهي أول من عرفني على أغنية “جفنه علم الغزل”، ما هوعلي الحجار غناها كمان. المهم، مش موضوعنا… ومن العلم ما قتل
كنت بقول إنهم حبوا يبربحونا في الصفوف على ما يبدو قاموا فصلونا صفين، صف خامس بنات وصف خامس اولاد. وكوننا كنا تسع بنات فقط لا غير حطونا في صف صغير مالوش شباك، بس كان مفتوح على الساحة الداخلية مباشرة (ما هو صار عنا ساحة داخلية، آو ولا!) وكنا مبسوطين والحق يقال، أول مرة بنجرب نكون بنات لحالنا في الصف. طبعاً في حصص كانوا يجمعوا فيها الصفين مع بعض فما عدمنا زناخة الاولاد، وإنتوا بتعرفوا الأولاد في سن العشر سنوات قديش ممكن يكونوا زنخين. بس كان ماشي حالهم صراحة، زناختهم تفجرت في الصف السادس فعلياً، وتبيان هذا سيأتي لاحقاً إن شاء الله إذا كملتوا قراءة وتوقفت أنا عن الاستطراد
المهم، يمكن الصف الصغير والخصوصية اللي حصلنا عليها كصف بنات غيرت شخصيتي 180 درجة. البنت الهادية الساكتة تحولت لفتاة منطلقة كتيرة حكي ومزح وشخصية قيادية إلى حد ما. يمكن هاي شخصيتي الحقيقية اللي كانت مخبية ورا جدار الخجل. المهم إنه الصف الخامس كان ممتع كتير، وحلو كتير، خاصة إنه المعلمات اللي درسونا من أكتر المعلمات اللي لحد الآن بتذكرهم.
الصف الخامس شهد أول محاولة إلي في الكتابة. كتبت قصة قصيرة عن طفلة بتروح في رحلة بين الكواكب، وورجيتها للمس أمل معلمة العربي وخلتني أقرأها قدام الصف وقرأتها للمعلمات التانيين وصاروا يمدحوا في القصة وكذا، يعني كبر راسي شوي بس صراحة كان إشي مشجع جداً. حاولت أكتب قصة قصيرة تانية ولما وقفت أقرأها قدام الصف خلتني أمزعها بعد ما بلشت قراءة بشوي. الغريب إني ما حسيت بالإحباط أو استحيت، كإني كنت عارفة إنه القصة سيئة. وقتها تعلمت درس لساتني بتعلمه لحد الآن وهو إنه الكتابة ما بتيجي غصب، لاوم تكون نابعة من القلب والكلام يطلع لحاله عالورق، وإنه فش فيها مجال للمجاملات. يعني المس أمل إلها فضل علي لازم أعترف فيه، وهلأ لأول مرة خطر ببالي إنه يمكن هاد الإشي كان سبب في إني سميت بطلة أول رواية كتبتها أمل، يمكن العقل الباطن شاف شغله. يا ريت لو أعرف أراضيها وأوديلها نسخة. مش متذكرة اسمها الكامل حتى، متذكرة إنه كانت عندها مشكلة في الإنجاب على ما أعتقد، إن شاء الله يكون ربنا رزقها
الصف الخامس شهد كمان الكراش الثاني في حياتي، وآخر كراش في أيام المدرسة. لا أخفيكم إني كنت سطحية إلى حد كبير هديك الأيام لأنه الولد اللي أعجبت فيه كان حليوة، زي اللي أعجبت فيه بالصف التمهيدي بس أحلى، وبتقدروا تقولوا “طبق الأصل العلقة اللي فاتت” على رأي سعيد صالح/سلطان السكري الله يرحمه، برضه ما حكيت معاه طول السنة والحوار الوحيد اللي صار بيننا كان لما وقعت برايتي – اللي كانت على شكل بيت- ورجعلي إياها. وهادا يوم وهداك يوم. ولا حرف بعد كدة. والناس بستغربوا ليش طولت وأنا سينغل، ييجوا يشوفوا. عليم الله لو كنت عل زمن فرويد لعملي تمثال، أنا شاهد حي على نظريته القائلة إنك لما تحب إشي بتصير تتصرف نحوه بسلبية خوفاً من عدم قدرتك على الحصول عليه، النظرية اللي نسفها الفيلم الأمريكي التجاري “هيز نات ذات إنتو يو” نسفاً شاملاً، وفرويد يتقلب في قبره
والصف الخامس شهد حدث مهم آخر وهو إني لبست نضّارة طبية. فعلياً كان لازم ألبسها من الصف التاني، بس وقتها لما رحت على فحص النظر اطلع علي الفاحص وقال: هاي شكلها بدها نضارة. خبرة! فأنا عشان ما ألبس نضارة حفظت لوحة الفحص وسمعتله إياها. وبتذكر ملامح وجهه لحد الآن، مش مقتنع إنه نظري سليم بس مضطر يقول إنه ما عندي إشي. بس بعد 3 سنوات كل شيء انكشفن وبان، ولبست المضارة عن طيب خاطر. طلع عندي طول بالعين اليسرى، وفصلولي نضارة لونها زهري شفاف كبيرة شكلي فيها زي المحقق كونان. بس ولا كانت فارقة عندي، ولا كنت أتنكد منها، اللي عليك عليك، بينما بنت أختي لما لبست النضارة بصف تاني كان لازم نقعد معها ونقنعها إنه عادي وإنه شكلها حلو بالنضارة وقلتلها إنه أنا كمان كنت ألبس نضارة وأنا صغيرة، هادا غير إنه عندها مليون نضارة بأشكال وألوان مختلفة عشان تلبق على الأواعي، كل شي ولا أناقة الست غزل
واولاد وبنات صفي كانوا متعاونين، ما حدا تخوت علي أو ضحك على شكلي بالنضارة. حتى إنه ولد من اولاد صفي في محاولة بائسة غنه يكون لطيف بالغ وزودها وعك بالحكي لما قالي: بتعرفي إنه شكلك بالنضارة أحلى من بدون نضارة؟ قامت صاحبتي قالتله لأ مش مزبوط! يعني هادا مثال عشان تشوفوا الفرق في الوعي بين الاولاد والبنات في سن العاشرة. صراحة مش متأكدة هاد الموقف صار لما لبست نضارة ولا لما وقع على وجهي والشنتة فوق ضهري وتشوهت مؤقتاً وأنا في صف تالت، بس لو كان حكالي إني أحلى وأنا مشوهة بكون أسخم وبكون الولد لطخة عالآخر، فبفضل إنه يكون وقت النضّارة
في الصف السادس رجعنا صف مختلط، وكان صفنا حلو، في الطابق التاني وإلو شباك كبير وإطلالة جميلة كونه المدرسة جاي على جبل.
بدأ الصف السادس بداية لطيفة. طبعاً كونه عيد ميلادي في الأول من سبتمبر فكان ييجي دايماً مع فتوح المدارس. ووقتها قرروا بنات واولاد صفي يعملولي سيربرايز بارتي. طبعاً أنا كنت عارفة لأنه كان كتير واضح الموضوع، بس عملت روحي مش واخدة بالي. كانت أول مرة حدا بيعملي مفاجأة في عيد ميلادي، قبلها كانوا أهلي يحتفلوا فيي بس بدون مفاجآت، وعجبتني الشغلة صراحة. وانعملي مفاجآت كتير بعديها بس معظم الأحيان كنت أكون عارفة طبعاً لأنه احنا شعب مش كتير “ديسكريت”0
الحق يقال لو ما كنت عارفة إنهم عم بخططوا لعيد ميلادي كنت رح أتدمر نفسياً، لأني كل ما كنت أحاول أسأل شو عم بصير يحكولي ما إلك دخل. منيح اللي كنت عارفة صراحة
بس لا يغركم اللطافة هاي، كان عنا كمية زناخة ونفسيات تليق بالصف السادس ألف (ما كان في شعبية تانية فعلياً بس أحلى مع رمز الشعبة). طبعاً الصف السادس هو فترة ما قبيل المراهقة، وما أدراك ما هي فترة ما قبيل المراهقة. كانت هواية اولاد الصف ينبشوا ورا البنات ويعرفوا إذا كانوا معجبين بحدا عشان يهروهم مسخرة ونكش مخ. زنخين بقولكم زنخين! بتذكر في واحد من اولاد الصف غاب فترة ورجع مقلوب 180 درجة، فجأة صار الشب الجنتل وهالحركات، وكان معجب بوحدة بالصف وضل داير وراها عشان يصاحبها وهي ترفض، وكان محترم جداً ويجيبلها هدايا وهي ما تقبل، فالبنت يا حرام عشان تخليه يحل عنها قالتله إنها بتحب ابن خالتها، وعينك ما تشوف إلا النور! فجأة تحول الشب الجنتل لذئب بشري وفضحها بين اولاد الصف. وشوف المجتمع الذكوري القميء، هو ضل داير وراها وبده رضاها وما حدا تخوت عليه لأنه عادي الشب يحب ويذل نفسه، أما البنت إذا شموا خبر إنه في حدا ببالها راحت عليها. زنخين!
أنا ما كنتش أحب حدا وقتها، بس بشكل ما تسربلهم خبر إني بحب واحد من برا المدرسة، وأنا لا بحبه ولا بعرفه حتى، كل ما في الموضوع إنه بنت خالتي كانت تحبه وقالتلي حبيه معي، وأنا من باب العقل والمسايرة قلتلها ماشي. علي النعمة ما كنت أعرف كيف شكله
بس مش هاد الموقف اللي برزت فيه زناختهم وأذاهم، اولاداً وبناتاً لأنه البنات كمان ممكن يكونوا مؤذيين. الموقف اللي أثر فيي أكتر شي وأزعجني أسوأ. مرة كنا في الساحة وكنت أنا راكبة على المرجيحة، فإجا واحد من اولاد الصف اللي إجوا جديد عالمدرسة – يعني بعد ما لبست النضارة- وقاللي: أدزك؟ قلتله آه. أطفال وبنلعب. صار يدزني وبعدين سألني ليش لابسة النضارة، بالحرف سألني: شو مالهم عيونك؟ بس. لا أكثر ولا أقل. ووحدة من بنات الصف المؤذيين سمعت الحوار وحبت تضيف بهارات من عندها وراحت صارت تحكي للكل إنه الولد سألني: شو مالهم عيونك الحلوين. وصارت قصة وفضيحة، أنا شخصياً تصرفت فيها بهدوء تام وكإنه الأمر لا يعنيني، بس كنت بغلي من جوا. طبعاً أنا هلأ بحكي القصة عادي بس ممكن تتخيلوا موقف زي هيك شو معناه لبنت عمرها 11 سنة. لا والمشكلة إنه البنت المؤذية هديك كانت صاحبتي، وضلت صاحبتي، صحبة الإخص
بس الأذى ما كان من الطلاب بس. المديرة كان عندها ولد وبنت، يمكن كانوا في أول العشرينات وقتها، وما كان إلهم وظيفة معينة في المدرسة -حسب علمي- يعني ما كانوا أساتذة مثلاً، لكن كانوا دايرين في المدرسة يصرخوا ويبهدلوا ويضربوا على كيفهم، بأي صفة؟ اولاد المديرة وصاحبة المدرسة، يعني مزرعة اللي خلفتهم بمعنى آخر، نموذج مصغر للدول العربية. زي القذافي واولاده بلا تشبيه. ما بنسى مرة كان في ولد أبصر شو عامل لكن ابن المديرة ارتأى إنه بستاهل يتعاقب والعقاب كان عبارة عن سلخ على اليدين بعصا من خشب. كان الولد يبكي ويترجى وابن المدرة واقف بصرخ وبقوله افتح إيدك ونازل فيه سلخ. فيلم رعب. بحب أقولكم إنه ابن المديرة كبر وصار نصاب كبير
لكن انتهت السنة بسلام والحمد لله، بدون أحقاد، وطلعت من المدرسة كلها وانتقلت لأول مرة لمدرسة حكومية
المدرسة الحكومية بكيت لما دخلتها، وبكيت لما طلعت منها
وللحديث بقية
مذكرات مدررسة 2: أول، تاني، تالت
وترفعت للصف الأول، وانتقلت للمبنى تبع “الكبار” على الجهة المقابلة من الشارع. مفهوم الكبار يستحق التأمل. طبعاً كل شي نسبي، إنه في فترة من فترات حيقتك كان الولد اللي بصف أول يُعتبر كبير بالنسبة إلك، لكن حقيقة أنا عمري ما حسيت حالي كبيرة، دائماً كنت أحس حالي صغيرة ويمكن هاد الإشي عملي شوية مشاكل ولو إني إيجابي عموماً. عشان هيك يمكن صار عندي صدمة عاطفية بأواخر العشرينات لأنه خلص، لا مفر، لما جيل التسعين يصيروا زملاءك في الشغل بصير لازم تعترف إنك صرت كبير وناضج ومسؤول، فصار عندي رد فعل عكسي، صرت أشوف كل الناس اللي أصغر مني صغار. 23 سنة؟ لسا صغير. 25 سنة؟ بيبي…0
المهم، مش هاد موضوعنا. موضوعنا المبنى تبع الكبار
عندي نوستالجيا خاصة لهداك المبنى بالذات، واللي قضيت فيه 4 سنوات قبل الانتقال إلى المبنى الجديد لما الله فتحها على صاحبة المدرسة على ما يبدو وكبرتها وصار فيها صفوف أكتر. برضه المبنى الجديد عندي إلو نوستالجيا من نوع خاص، حقيقة عندي نوستالجيا من نوع خاص لأماكن كتيرة حتى بدأت أشك إنها نوستالجيا عامة وبينها وبين الخصوصية أشواط. المقصف اللي كنت نتدبح عشام نشتري سندويشة فلافل منه، سندويشة الفلافل الناشفة بطبيعة الحال، الساحة التي كنت أحسها كبيرة كتير مع إني متأكدة إني لو رجعت عليها حالياً رح ألاقي إنها يا دوب توسع سيارتين. الممر الضيق اللي بالساحة الذي يفضي للجزء الآخر من الساحة اللي فيه المراجيح المصنوعة من أنصاف إطارات سيارات. وعلى ذكر المراجيح، أختي كانت تقلي إنه كنت ألعب عالمراجيح مع بنت أكبر مني بسنة اسمها جانسيت وإنه كنا صاحبات، بس أنا لحد الآن مش قادرة أتذكرها. حتى بعد كم سنة، وأنا بالصف السادس أظن، إجت بنت صفي اللي هي بنت خالتها لجانسيت وقالتلي: بتسلم عليك جانسيت. قلتلها: الله يسلمها، بس فعلياً أنا حقيقة مش قادرة أتذكرها ومش عارفة كم من الناس نسيت غيرها، مع العلم إني بتذكر ناس كتير. اللي قدرت أفهمه إنه جانسيت كانت حلوة. لو إني كنت ولد كان تذكرتها عالأرجح
المهم، مش متذكرة كتير من الصف الأول، لكن في موقف معلق بذاكرتي لحد الآن ومرتبط فيه ارتباط وثيق. طبعاً نظراً لنزعات الأو سي دي الموجودة لدي، كانت تخطر عبالي أحياناً أشياء غريبة. يعني مثلاً مرة كنا عم نكتب حرف جديد في دفاترنا، فخطر ببالي إشي: ليش ما أخربش على الدفتر بدل ما أكتب الحرف؟ بخربش وبعدين بمحي. ليش؟ بيكوز آي كان. وإذا إنتوا بتعرفوا ليش أنا بعرف. فرحت خربشت عالدفتر، ومش أمحيه دغري، لا! قمت أبري القلم عند سلة الزبالة – أجلكم الله- فجأة وأنا ببري القلم سمعت صوت المس “أمل” بتصرخ. ش وبدكم بطول السيرة، أكلت بهدلة. كيف بدي أشرحلها إني خربشت لممارسة حق أو قدرة مش عارفة شو هي أو لتفريغ شيء مش عارفة شو هو أو للتعبير عن مكنون ما عندي أي فكرة عنه أو لإثبات شيء لا أعلم كنهه، وإني كنت بدي أمحيه بس أخلص بري القلم؟ مهم إني أبري القلم، كان لازم لما سألتني ليش عملتي هيك أحكيلها: كنت ببري القلم. إذا حدا بسمع عن أي تقدم في مجال السفر عبر الزمن يخبرني رجاءً لأني حابة أرجع أضع الأمور في نصابها وأبرئ ذمتي.
يعني بالنهاية المس أمل بهدلت صحتي قدام الصف. الله يسهل عليها وين ما كانت، كانت معلمة جميلة ومتكتكة وعالموضة، خربتلها بريستيجها
هاد ملخص الصف الأول تقريباً. الصف التاني أوضح قليلاً في الذاكرة. كان عنا معلمة اسمها مس تحرير، وكنت أشبهها لعبلة كامل. مرة رحنا رحلة عمدينة الجبيهة الترويحية ووقعت عن السفينة وانكسرت إيدها (أو هاي كانت الرواية المتداولة، المجارس الابتدائية مرتع خصب للشائعات زي ما بتعرفوا) عشان هيك بضل أتذكرها وإيدها مجبصنة. وبتذكرها كمان لما مرة دخلت عالصف وحكت لمعلمة تانية إنها قدمت إلهم التنتين عالحكومة، بعرفش كيف بس كان واضح إنها قرفت من الشغل بهاي المدرسة، ومعها حق صراحة لأنه المديرة كانت… بعدين بيجي دورها
من أبرز اللي بتذكرهم بصف تاني وحدة كانت صاحبتي، اسمها مرام. بنت صغيرة وجهها مدور وشعرها أسود ناعم، تيبيكال كيوت كيد يعني، وكنت أحبها كتير، وبتذكر إنها كتبتلي في دفتر الذكرى: أكتب لك بالمقلوب لكي تبقى المحبة بين القلوب. بس مش هون القصة، القصة إنه وأنا في صف أول ثانوي تقريباً التقيت فيها وما عرفتني، حاولت أذكرها بحالي بس ما تذكرت وحسيت حالي أحرجتها. انقهرت، كنت بدي أقولها: إنت كاتبتيلي بدفتر الذكرى! تعالي أورجيكي إياه!0
صراحة مش عارفة وين راح دفتر الذكرى لأني جبت واحد أجدد وأكبر. شوف الصفاقة والتفاهة! اسمه دفتر ذكرى عشان تتذكر أشياء قديمة، ليش تكبه أو تهمله لما تجيب واحد جديد؟ المهم، أظن إنه ضاع وضاع معاه دليلي الوحيد إنه أنا ومرام كنا بيست فريندز
بس إذا رجعتوا للمذكور آنفاً عن جانسيت، فأنا بستاهل مرام وستين مرام تنساني. البنت كانت تدزني عالمرجيحة وما أثمر فيي
طبعاً روان بنت جيراننا اللي ذكرتها في البوست تبع الروضة كانت لسا معي بالمدرسة، وكنا صاحبات، ولا زلنا صاحبات حتى الآن ولو كنت بشوفها كل قرن ونص مرة. بس كنا متخاصمين طول السنة تقريباً، نتخاصم في المدرسة ولما نروح واحنا نازلين من الباص تناديني وتقول: علا… كنا نمزح! طبعاً احنا ما كنا نمزح، بس أنا كنت أحب روان وكنت ولا زلت ما بحب المشاكل، ولو إنه في أشخاص معينين عارفين حالهم وضعهم غير ممكن يقولوا غير هيك، بس العتب على قدر المحبة ياللي عارفين حالكم منيح
ومن أظرف الناس وأكتر البنات اللي كنت أحبهم في الصف عائشة، هاي عائشة تانية غير تاعت بكيت الشيبس، هاي عائشة طويلة. أكتر موقف بضحك مع عائشة واللي أظن إني مرة كتبت عنه هون بس مش متأكدة، كان في فترة من الفترات لما كانوا يعرضوا ملسل “بوابة الحلواني” اللي كان بطله صلاح السعدني وكان اسمه فيه أحمد الحلواني. فمرة كانت المس معطيتنا تمرين في الصف إنا نعمل جمل مفيدة، فصرنا أنا وعائشة نكتب جمل نستخدم فيها “أحمد الحلواني”. هيك، نغاشة. “أين كنت يا أحمد الحلواني؟” “ماذا أكلت يا أحمد الحلواني” “بطيخك مبسمر يا أحمد الحلواني”. وهكذا دواليك. المهم، في بنت من بنات الصف، الله يسامحها، شافتنا بنضحك فحكينالها شو عم بنعمل. طبعاً كأي طالبة نجيبة فسادة ما هان عليها تشوفنا مبسوطين بإبداعنا، راحت فسدت للمس: “مس، علا وعائشة عم بكتبوا جمل فيها أحمد الحلواني”. طب شو دخل أهلك إنت؟ المهم، المس رشتنا بهدلة وقالتلنا اكتبوا زي البشر. وامتثلنا للأمر، وبعد ما المس صلحت دفاترنا وحطتلنا نجوم إجت عائشة وقالتلي: شو كتبت؟ قلتلها كتبت “أين ذهبت يا رباب؟”، أو إشي زي هيك. قامت ابتسمت ابتسامة ماكرة وقالتلي: أنا كتبت: “أين ذهبت يا أحمد” يعني أحمد الحلواني 🙂0
اكتبي يا عائشة اكتبي، واضحكي، رغمت أنوف كل الفسادين وعريف الصف
على سيرة عريف الصف، مرة ولد اسمه منصور وقف عريف وكتب اسمي عاللوح مع المشاغبين، حقيقة مش عارفة ليش كتب اسمي أظن إنه كان أبيوزينغ هيز أوثوريتي لأني كنت كتير هادية وأنا بصف تاني، أنا والدرج واحد تقريباً. بس مش هاد اللي قهرني، اللي قهرني إنه كتب اسمي “على” بالألف المقصورة. الله يهد شيطانك يا منصور
صعوداً للصف الثالث، قصة تانية هاد. أول شيء بتذكره من الصف التالت إنه بدأت تتكون عندي نزعات تجارية، صرت أقصقص صور من المجلات وأبيعها لاولاد وبنات الصف، يعني كنت أربحلي باليوم شلنين تقريباً، دحة بهداك الوقت!0
وبتذكر بنت اسمها عروب، قعدت معنا سنة بس، لكن كانت صداقتنا حلوة كتير. كان عيونها خضر كبار وكانت تحب الملك حسين كتير، تموت عليه، وكانت تقول إنها بتحب الملك حسين أكتر من أمها وأبوها، وحجتها في ذلك إنك إذا رحت حكيت لأبوك أعطيني دينار رح يعيطيكي دينار، أما الملك إذا قلتيله أعطيني دينار بيعطيكي 100 دينار. ما علقت وقتها لكن بقدر أجزم إني في هداك الوقت لو قلت لأبوي أعطيني دينار كان يمكن فكرني بشم مخدرات. على كل، الله يسهل عليها، يمكن صارت سحيجة هلأ
لموقف التاني اللي بتذكره من عروب واللي بخليني أحس قديش كانت صداقتنا قوية إنه مرة بعد ما خلص الدوام وزعونا “جولات” كالعادة، يعني حطوا كل مجموعة في صف حسب الباص اللي رح يروحوا فيه، جولة إسكان الضباط، جولة إسكان عالية، جولة البنيات، وهكذا دواليك. فكنت أنا وعروب كل وحدة بجولة، وطبعاً كانت البطولة إنك تتحدى حظر التجول وتطلع من الصف تبع الجولة. فمرة كنت أنا واقفة على باب الصف، كإني كنت بدي أهرب، وفجأة شفت عروب عم “تتنسنس” على باب صفها كإنها بتستطلع الوضع، فناديتها: عروب! قامت شافتني وصرخت: علا! وركضنا عبطنا بعض بنص الممر كإنا لقينا بعض بساحة معركة بين الضحايا، مش كإنا كنا مع بعض في الصف قبل ربع ساعة0
طبعاً أنا بعد حبي الأول في التمهيدي ما حبيت حدا، وأنا مستغربة من هاد الإشي لأنه كان في صفي اولاد لطيفين وحلوين بس ما حبيت حدا فيهم. بتذكر واحد فيهم على وجه الخصوص، كان اسمه عماد، مرة وقعت مقلمتي عالأرض وانكب كل شي فيها، فصار ولد بديش أذكر اسمه يتخوت علي، قام عماد نزل وصار يلم معي الأغراض المتناثرة ويقول: حرام عليكم، ليش تضحكوا عليها، لازم تساعدوها. أو شيء من هذا القبيل. المهم إني احترمته كتير وقتها وبدأت تتشكل عندي فكرة عن معنى الرجل الحقيقي. بس ما حبيته، شكله كان قلبي مطفي، القلب وما يريد
آخر شي من الصف التالت، مس إيثار. كانت معلمة شخصية، بتحس إنها شخصية فعلاً. وأدين لها بأنني ما طلعت تيسة في الرياضيات. كيف؟ ولا إشي، أخدنا القسمة الطويلة وكانت عبارة عن طلاسم بالنسبة إلي. ولما أخدنا امتحان فيها ما سلمت الورقة لأني ما حليت إشي، واكتشفتها مس إيثار في آخر الدوام، وانصدمت وانشدهت، فأخدتني على جنب وشرحتلي إياها لحالي وأعطتني مسائل أحلها بالبيت. ومن وقتها صرت فلتة رياضيات، وصرت أجيب أعلى العلامات فيه، لحد الصف التامن لما اكتشفت إني طول هاي السنوات عم بجبر مخي عالرياضيات وأنا ما بحبها، وإنه مخي توجهه أدبي فني. الله يجزيها الخير مس إيثار، لكن رغم جهودها تدهورت علاقتي بالرياضيات عكبر وعالتوجيهي حفظته حفظ، والله يخليلنا الآلات الحاسبة
الصف الرابع مرق بسرعة، بتذكر طراطيش. بتذكر مرة ولدين بالصف دقوا بخوانيق بعض عشان الانتخابات، بداية الوعي السياسي المحلي هاد، وبتذكر رشا… رشا اللي صرنا صحبة أنا وياها بطريقة غريبة، كانوا يحطوا أغاني أطفال بالإذاعة خلال الفرصة ومرة صرنا نرقص عليهم فجأة ومن وقتها صرنا صاحبات مقربين ودايما مع بعض ونزور بعض، لفترة من الوقت طبعاً. من فوائد المدرسة الابتدائية إنها بتجهزك للحياة وبتعودك عالفقد، بتعرف إنه كتير من العلاقات ما بتدوم مهما كانت قوية
بتذكر مس آمنة، من أحسن المعلمات اللي درسوني في حياتي، معلمة إنجليزي عراقية، يمكن هي أحد أسباب حبي للعراقيين وكل شي عراقي. هي اللي علمتنا أغنية “بينغو”. الله يذكرها بالخير وين ما كانت
وبتذكر الأغنية اللي كنا نتدرب عليها عشان نغنيها في حفل التخرج، “هيا إلى الصلاة، صلاة، لنعبد الإله، ونبتغي رضاه، في سجدة الجباه”. ونتدرب ونغني ونعيد ونزيد، وأنا وقتها ما كنت بصلي أصلاً، وهاد الإشي استوعبته الآن في هذه اللحظات وأنا عم بكتب. هو نفاق مش نفاق مش عارفة، كنا صغار
بعد الصف الرابع انتقلنا لمبنى المدرسة الجديد، مبنى حلو ونقلة نوعية عن المبنى القديم المتداعي
وللحديث بقية…0
مذكرات مدرسة 1: روضة وتمهيدي وبستان
بحن كتير لأيام المدرسة، بنتعش لما أتذكر الدروج والطباشير والساحة والراحة النفسية اللي ما بتعرف قيمتها إلا لما تكبر ويصير عندك مسؤوليات. طبعاً هاد الحكي ما بعني إنه كل أيامي وذكرياتي المدرسية كانت سعيدة، ولا كلها زي بعض. في مرحلة كنت البنت الهادية اللي كافية خيرها شرها، وفي مرحلة كنت الزعيمة والمشاغبة وحتى المتنمرة (مش فخورة فيها طبعا، بس ما طولت والحمد لله)0
تنقلت بحياتي بين مدارس كتير. جربت مختلف أنواع المدارس والطلاب، مختلطة، مش مختلطة، مختلطة بس منفصلة، خاصة، حكومة، عسكرية، دوام مسائي، دوام صباحي، يو نيم إت. لكن الرصيد الأكبر من عمري اللي انصرف في المدارس كان في مدرسة خاصة في منطقتنا، ورح أتحفظ على اسمها عشان آخد راحتي بالحكي من دون ما أتلبس قضية تشهير أو ذم وقدح. مدرسة صغيرة مش من المدارس الخاصة ذات الأسماء اللامعة اللي بتسابقوا الناس عليها اليوم، يعني ما كان قسطي 3 آلاف دينار وأنا لسا ما دخلت صف أول – فعلياً دراستي في الجامعة 4 سنين ما كلفت 3 آلاف دينار- ولا كانت كل دراستنا بالإنجليزي، وهينا الحمد لله كبرنا وتعلمنا وبنحكي إنجليزي فلوينت كمان، شو عليه
بدأت في هاي المدرسة من الصف التمهيدي مباشرة، ما دخلت بستان. طبعاً تمهيدي وبستان هي ما يُعرف اليوم بـ”كي جي 1″ و”كي جي 2″، لكن أنا شخصياً أفضل قول روضة وتمهيدي وبستان، لأنه “كي جي” بتخليني أحس إنه مختبر تحاليل طبية مش روضة أطفال
ما علينا…0
بتذكر أول يوم دخلت الروضة، رحت مع صاحبيتي وبنت جيراننا روان. طبعاً كوني إنسانة انطوائية بطبعي وعندي بوادر زينوفوبيا ضليت ملزقة بروان، وكنا كلنا الصغار قاعدين في الصف حوالين الطاولات، وبعدين إجوا المعلمات عشان يقسمونا على شعبتين، كانت “المس حنان” – الله يذكرها بالخير وين ما كانت- تطلع وتنقي مين بدها تاخد على صفها، وأنا ماسكة إيد روان وخايفة تنقيني، والأجواء في مخي زي أجواء متسابقي عرب أيدول لحظة إعلان النتائج. ألقت المس حنان نظرة حولين الصف ثم استقرت عيناها علي وقالت: “هاي”. إن ريتروسبيكت بتحس حالك خروف بنقوا لأضحية العيد، وكوني كنت مسالمة وهادية ما ناقشت ولا صرخت ولا جادلت ولا رميت حالي في الأرض، استسلمت لقدري ورحت بهدوء عالصف التمهيدي “ب”0
بتعرف لما مرات ذاكرتك ترجعك فجأة لمكان معين فجأة؟ امبارح وأنا بتذكر التمهيدي “ب” أدركت لأول مرة بحياتي إني ما بعرف شو كنت تشوف لما تطلع من شباك الصف، لأني بطبيعة الحال كأي طفل عمره 5 سنين كنت أقل ارتفاعاً من حفة الشباك. هاي ملاحظة على الهامش، نأسف لضياع 30 ثانية من وقتكم ونأسف لعدم تمكننا من تعويضها
المهم…0
بتذكر تناتيف متفرقة من الصف التمهيدي، بس لا بد إنه عالقة في مخي لسبب
كوني كنت طفلة خجولة ونتاج مجتمعي كنت ما أحب أقعد جنب الاولاد (من يوم يومي مش طايقتهم)، فمرة من المرات المس حنان غيرت ترتيب مقاعدنا في الصف وحطتني بين ولدين، ما بعرف ليش، يمكن كانت بتحاول تسيطر علينا أو تمنع تشكل عقد نفسية تجاه الجنس الآخر من على بكير، ما بعرف شو كان بدها بس لو كان هاد قصدها فخطتها فشلت. أنا لقت حالي قاعدة بين هالولدين اللي بتذكر شكلهم لهلأ بشكل مبهم شوي – أكيد مبهم لأنه واحد منهم بس أتخيله بشوفه كإنه عمره شهرين مش خمس سنين- وما عجبني الوضع، بدي أرجع أقعد عند صاحباتي، انقهرت بصراحة إنها حطتهم جنب بعض ونفتني لجزيرة الرجال، فحملت عفشي المكون من شنتة مرسوم عليها منطاد حاول أبوي يقنعني إنها “سَبت” أو بلغة اليوم “لنش بوكس”، وسَبت لونه أصفر جابلي إياه لما فشل في إقناعي، وي اريت إذا حدا بعرف أصل كلمة سَبَت من وين إجت يفيدنا، المهم وبلا طول سيرة حملت عفشي وصرت أمشي بين الكراسي وعجقت الدنيا عشان أروح أقعد عند صاحباتي، بدون ما أسأل أو أستأذن، مش عارفة لأني ما كنت أعرف ولا لأني ما بحب أستأذن لحد الآن في الأمور البديهية اللي بتخصني شخصياً، والأمر كان شخصي ومنطقي بالنسبة إلي وقتها، أنا بدي أقعد في مكان برتاح فيه يا أخي. المهم بتذكر وجه المس حنان لما شافتني بتدعثر بين الكراسي وسألتني شو بعمل، قلتلها رايحة أقعد هناك، فما بهدلتني ولا قالتلي ارجعي محلك، بس ارتسمت على وجهها علامة تعجب وقالتلي: طيب احكيلي!
أظن الدرس المستفاد من ذلك الموقف كان إني مش عايشة في كوكب لحالي
لكن ما رح أحاول أسوق البراءة كتير لأني وإن كنت خجولة وبتجنب الاولاد كأنهم الجذام، لأن هذا كلام غير دقيق. فعلياً ما استنيت كتير عشان يصير عندي “لاف إنتريست”، يعني لقيت حبي الأول في سن الخمس سنوات (بغض النظر عن السنوات العجاف اللاحقة، بلشت على بكير). كان ولد في صفي أسمراني ومرتب وحليوة ولقيت حالي بحب فيه، أو اللي بسموه هلأ “كراش”، والاسم مناسب لأنه بعطيك شعور إنك مخبوط على راسك، وبتكتشف بعدين إنه الكراش حكي فاضي، أو بلاش تعميم، خلينا نقول إنه قلما تنتج عنه علاقات ناجحة متينة، لأنه بخليك تركز على صفة أو جزئية معينة في الشخص وبتتغاضى عن كل المصايب اللي فيه. طبعاً حتى علاقات الحب والارتباط الناجحة تتضمن قدراً لا بأس به من التغاضي والتعايش، لكن في حالة الكراش إنت بتنعمي عنها بالمرة، وبكون مفاجئ وعنيف. الحب الحقيقي بيجي على مهل، بتسلل شوي شوي ما بتلاقيه إلا في عقر دارك
طبعاً ما حكيت مع الولد اللي كنت أحبه ولا مرة، كان حب صامت من بعيد لبعيد. بس مرة واحنا بنركض بالساحة خبطنا في بعض راس براس، ومش متذكرة شو صار أو إذا بكينا، بس المس حنان جابتنا ووقفتنا قدام بعض وقالتلنا “بوسوا بعض وتصالحوا”، طبعاً استحينا وما قبلنا، بس ممكن تكونوا لاحظتوا إنه مس حنان شكله كان عندها أجندة
الإشي اللي بضحك في حب الطفولة اللي زي هاد إنه: شو كان طموحي منه؟ يعني لو هو حبني كمان، بدنا نمسك إيدين بعض ونمشي بالساحة مثلاً؟ كان حب لأجل فكرة الحب لا شيء آخر، هاد أحلى إشي فيه
طبعاً كان عندي صاحبات بالصف. كان عندي صاحبتين توأم، غريبة كانت صحبتي معهم. هم كانوا عكسي تماماً، طوال وبيض وعيونهم زرق وتنتين، أنا كنت سمرا وقصيرة ووحدة، فأظن إنه منظرنا كان زي كإنهم الودي غاردز تبعوني، في مشهد تقدمي لنبذ الصور النمطية وتحدي الوايت سوبريماسي. والإشي الغريب إني كنت الوحيدة في الصف اللي أميز بيناتهم لدرجة إني كنت أميز بينهم وهم دايرين وجوههم، وكانت المعلمة مرات تستعين بهاي القوة الخارقة اللي كنت أتمتع فيها. وكان عندي صاحبة اسمها عائشة، بتذكر كان حجمها كتير صغير لدرجة إني كنت أشوفها أقصر مني بكتير وأنا ما كانش في كتير ناس أقصر مني في الصف عادة. أتوقع كنا ثنائي مضحك، إشيين صغار ماشيين في الساحة، يمكن عشان هيك صار معنا الموقف الآتي ذكره: مرة كان معنا أنا وعائشة بكيت شيبس، لما إجينا ناكله فتحناه بالشقلوب. طبعاً هو ما بتفرق كيف ما فتحت بكيت الشيبس لأنه بكيت ورق، بس احنا فتحنا بعكس الرسومات اللي عليه، قام إجا ولد كبير (كبير يعني صف تالت بالكتير)، وحكالنا: ليش فاتحينه بالشقلوب؟ هاتوا أفتحلكم إياه صح، واحنا قلنا هادا كبير وبفهم وكلامه مزبوط، فأعطيناه البكيت يفتحه فصار مفتوح من الجهتين، وصر الشيبس يوقع منه واحنا بنحاول نلمه ونضبضب فيه. طبعاً الدرس المستفاد واضح وهو إنه لا توثق بكلام كل حدا أكبر منك لأنه مرات بكون جحشنة
بس يمكن أكتر موقف تعليمي بالنسبة إلي كان لما أخدنا حرف الباء وكنا عم بنلون بطة في دفاترنا. لونتها بلون معين، بعدين اطلعت على اللي جنبي لقيتها لونتها بلون تاني، قمت لونتها فوق اللون الأصلي بنفس اللون، بعدين شفت واحدة تانية ملونيتها بلون تالت رحت لونت فيه فوقهم وهكذا، فبالآخر صارت بطتي لونها عبارة عن طين أو مخلفات مجاري بعيد عنكم
بس تعلمت يومها إني ما أقلد حدا وأطبق أفكاري الخاصة. خاصة لما شفت وحدة ملونة البطة بألوان قوس قزح – أيام ما كان قوس قزح بريء- وكانت طالعة بتجنن، فأدركت حجم التياسة اللي قمت فيها
طبعاً تعلمنا أغاني كتير، وإجت بنت لبنانية على الصف وعلمتنا “كلن عندن سيارات وجدي عنده حمار”، انفتاح مبكر على الثقافات الأخرى. وكنا وقتيها نعطل جمعة بس، ويوم الخميس نلبس أي إشي بدنا إياه، ما نلتزم بالزي المدرسي. بتذكر مرة إمي لبستني فستان أبيض عليه نقط ملونة، بس اللبسة اللي هبلت الروضة كلها كانت معطف فرو أصفر جابلي إياه عمي من إيطاليا (أظن؟) لدرجة إنه صاروا يحكوا إجا الأصفر وراح الأصفر، علا اللي جوا الأصفر اختفت
وبتذكر إني واجهت صعوبة جمة في تعلم الكتابة، لدرجة إنه حرف الألف، العصاي مش الهمزة، كانت أمي ترسملي نقط عشان أكتبها فوقهم. عضلاتي كانت مرخية تماماً شكله. بتخيل شو كانوا أهلي يفكروا في هديك الفترة، إنه هاي البنت شكلها بدها تطلع طلطميس، شو بدنا نعمل فيها؟
بس الحمد لله تعلمت أكتب ومشي الحال وتخرجت من الروضة بسلام وانتقلت لمبنى المدرسة الابتدائية
…وللحديث بقية
Writing In a Visual World
I have a confession to make: It has been increasingly hard to write recently. Long gone are the days when I used to write a new blog post every other day, and if I’m not writing online I’m writing offline, creating characters and events, thinking about them all day, mentally developing what would soon be a published novel in one case, a discarded one in another, and finally an unfinished one as I got stuck in the dreaded, bleak territory of Writer’s Block.
Now while some people might describe that as such, I’m still adamant in my refusal of that concept, which I’ve always believed to be a lazy excuse with the subtitle: “I really don’t feel like writing so stop asking”. For me, I always thought writing is the technique, if you have the ideas then all you have to do is to sit down and write. If you’re having any kind of block, then it’s probably the scarcity of ideas or the lack of desire to write them down.
But since I’ve been stuck in limbo for so long, I’ve been exploring the reasons behind that lack of productivity. Naturally, there are some personal reasons, but it’s not the only thing that makes me cringe inside with guilt and self-disappointment when I think of all the things I want to be writing and I’m not.
But I think I’m getting somewhere. A few days ago a friend of mine was commenting on the extravagant decorations on the streets in celebrations of Ramadan. A festival of lights and colors, it’s clearly getting more lavish every year. My response was that it’s keeping up with the world. Everything is becoming more visual, as if we’re trying to make up for all the things we’re missing year after year. Admittedly, Ramadan had a more spiritual and warmer atmosphere back in the day before technology invaded our life, and this goes for all other holidays from Eid to Christmas, so now we need these things to remind us of all the joys and meaning of these much cherished holidays. It’s a visual world, and we need more visual attractions every day to be able to snag our eyes.
That made me think of something else which can perhaps put what I’m trying to say into perspective: Photo essays. Not a day goes by without coming across a number of links leading to websites about someone or something with more pictures than words. And I must admit, most of the times I go over the pictures while skimming quickly through the text, or dropping it altogether. As I thought of that it hit me: It’s become increasingly hard to write, because it’s become increasingly hard to read.
Of course, I’m not talking about your usual to-read list. Books still offer a safe, comfortable haven away from the flashy world of social media. But when I’m scrolling down my timeline, I don’t often have much patience to read all the articles I come across. I suppose this is the idea in the back of my head when I don’t feel the motivation to write long articles like this one, because although I always made a conscious effort not to care whether anyone would read, apparently that still counts in my book, that’s why if I have something to say I feel it’s more efficient to post it on Facebook, where limits on how long a status can be are something of the past now, and you can ramble on as much as you want, or can.
And it’s not only about blogging. Even when I think about all the new novels coming out, I can’t help but think whether they’ll add something new or of value to the literature we already have and which we still have to catch up on. Of course I’d like to write another novel, but will it be good enough? Is it going to be worth the time spent writing it or reading it, or am I going to be one of the dozens who burden the shelves of libraries with wasted ink and paper?
Ever since I published my first novel, and the last one so far for that matter, I’ve been having that nagging feeling that I should be working on something else. I even don’t feel it’s quite right when people call me a writer because I know I’m not fulfilling a major perquisite to earn that title: Continuity.
That nagging feeling abated while I was writing a later novel which, after finishing the first draft, I decided to discard. I then tamed the feeling for a while when I published an e-book where I put my English short stories together. Later on, I started working on something which I have mixed feelings about now, but while the feeling still won’t go away, it has become easier to live with.
For me, writing is a not a luxury, it’s a need. I am my best self when I write. And I want to write elaborately, whether it’s going to be read or not, not just sum up a few thoughts within a 140-charater limit. I want to write stories, series, rants and Arabic rhyming prose. I don’t care whether I’ll write another novel or be published again, after all one online article could reach 10-times more people than a book might sometimes. I want to write because I want to leave something of me in this world, as ideas can only die if you take them with you to the grave.
A picture could say a thousand words indeed, but you can keep it; give me the words and I’ll paint my own thousand pictures.